إعلان أدسنس

-هو ..و ليس هو ![الاخيرة]



الاخيرة

-هو ..و ليس هو !

-(الظابط بتعجب) كيف يكون ذلك ؟!
-الذي هاجمني كان شخصاً يشبهه , لكنه اضخم منه !
-هل يمكنك وصفه أكثر ؟
-كل الذي استطيع قوله : بأنه رجلٌ مخيف بكل معنى الكلمة.

و بعد عدّة أيام ..تقرّر النيابة الإفراج عنهما لنقص الأدلة
يتوجه حسن الى شقته بصحبة سمير , لأخذ قسطاً من الراحة بعد أكثر من أسبوعين من الإحتجاز...
و هناك , يسأله سمير :
-أمرك مُحيرٌ فعلاً يا حسن !
-لا بد أن هناك شخصً ما يراقبني طوال الوقت , و يتنكّر بهيئة تشبهني !
-أظن ذلك ! لكن لابد ان تعثر عليه فوراً , قبل أن يرتكب جريمة تدمّر حياتك للأبد.
-هذا ما يجب أن أقوم به على عجل.

و ما أن يكمل حسن كلامه , حتى يسمعان طرقاً عنيفاً على الباب , يرافقه نبرة صوت غاضبة و مخيفة :
- افتح الباب يا حسن , قبل أن اكسره !!! ..هيّا افتح يا حقير !!!
ففتح باب شقته بقلق .. و اذّ بأحد جيرانه يهجم عليه , و هو يحمل عصاً حديدية طويلة..
-سأضربك حتى تعيد لي اللوحة الزيتية , أيها السارق اللعين !!
-( حسن بصدمة و ذهول) ماذا ! .. انا لا افهم ماذا تقول !
-و من يكون غيرك , يا من تدّعي الشرف و المروءة !! الم تزرني قبل يومين طالباً شرائها و عندما رفضت , هدّدتني بأنك ستأخذها رغماً عني ؟!!
-مستحيل !
-كل مرّة كنت تدخل شقتي , أراك تنظر اليها مليّاً .. و الآن أعدها لي !! قبل أن أضربك ضربة لا تقوم بعدها أبداً.
فيتدخل سمير و يحاول إفهام الجار بغياب حسن عن شقته لأكثر من أسبوعين ، إلاّ انه لم يهتم بكلامه .. و يبدأ بتسديد ضربته الأولى .. لكن حسن استطاع الإبتعاد عن العصا بإعجوبة... ثم فرّ هارباً من شقته , و الجار مازال يلاحقه بغضب , و ينهال عليه بالشتائم ..

و ما ان وصل لباب العمارة , حتى التقى بجاره الآخر و معه ابنته الصغيرة , التي قالت لوالدها بفزع :
- أبي !! هذا الذي سرق اسوارتي الذهبية !

فيسرع حسن نحو الشارع ..
البقال :
- يا ناس !! هذا الذي سرق مني المال البارحة !! الحقوا به !!
بائع المجوهرات :
- نعم هو من سرق الخاتم الإلماسي من محلّي !!
و صارت الناس تلاحقه في الشارع و حسن يحاول الهرب و هو يركض (مذهولاً) بكل قوته :
- سارق !!!!
- محتال !!!!
- متحرّش !!!!
- عديم الضمير و الأخلاق !!!!
-قف يا جبان !!!
و ما ان ابتعد عنهم .. حتى اوقف اول سيارة أجرة , لتأخذه بعيداً إلى أطرف المدينة...

و هناك .. صار يمشي في الشوارع بغير هدى .. يبكي بكاءً مرّاً.. و يضرب رأسه بيديه من هول مأساته...
و عندما حلّ عليه الليل , كان يمشي وحيداً في طريقٍ صحراويٍ موحش.. الهواء البارد لم يدفعه للمغادرة.. و هناك , يلمح صخرةً ضخمة ... يستلقي بجانبها.. يتخذ من حذائه وسادة ..و يحتضن جسده بأطرافه .. و بالرغم من البرد الشديد , إلاّ أن النوم استطاع ان يغلبه ...

و بعد ساعة .. يفتح حسن عينيه , فيرى نفسه سابحاً في الهواء !
((يا الهي ! ما الذي يحدث ؟!))
و ينظر للأسفل ..فيرى الشارع و الصخرة .. و يرى نفسه ما زال نائماً بالقرب منها !
((كيف أرى نفسي تحت , و انا معلقاً هنا في الهواء ؟! هل هذا هو الموت ؟!))
و يحاول النزول إلى الأرض , فلا يستطيع... بل صار ينجذب اكثر نحو الأعلى !
((لا شك بأنني متّ !))
فنظر للأعلى , و وجد انه ينجذب نحو مرآةٍ كبيرة !
((ما هذا ؟! .. ما هذه المرآة الغريبة ؟!))
و فجأة !! انطلق جسمه بسرعة نحوها (و هو يصرخ بخوف) ثم اخترق المرآة و دخل فيها !

ظلامٌ دامس... سوادٌ لا حدود له ! يلتفت وراءه , فيرى المرآة في وسط الظلام .. يقترب منها بحذر , و ينظر من خلالها : فيرى الشارع و الصخرة و جسده النائم بقربها , كما السيارات التي كانت تجوب الطريق !... و كان كل شيءٍ واضحٌ من فوق .. فصار يتساءل بقلق :
((ما الذي يحدث لي ؟! .. أين أنا بالظبط ؟!))

و فجأة !! سمع ضحكاتً مخيفة ! ثم ظهر صوتٌ اجشّ :
-أهلا بك يا حسن !!
فالتفت اليه بفزع .. فرأى شخصاً يشبهه تماماً , لكن بملامحٍ مرعبة اكثر !
ضخم الجسم .. شعره اسود كثيف , و رأسٌ يخترقه قرنان صغيران... عيونٌ حمراء... حواجبٌ غليظة.. انفٌ طويل.. أذنان كبيرتان... أسنانٌ بارزة...أظافر طويلة..
فينظر اليه حسن بخوفٍ مهول .. فيقول ذلك الكائن بإبتسامة لئيمة :
- ما بالك يا حسن ؟
- يا ألطاف الله !! أيّ شيءٍ أنت ؟!
فيقترب منه بضع خطوات ..
- ألم تعرفني ؟
- كلا لا أعرفك ! و لم أرك قطّ في حياتي !!
... يقترب منه أكثر..
-حسن !! انظر اليّ جيداً .. أنا هو أنت ...و أنت هو أنا !!
-ماذا تقصد ؟!
-أنا هو نفسك الثانية .. الجانب الآخر منك.
-أراك تشبهني ! لكن بصورة مغايرة ... فمن انت حقاً ؟!!
-قلت لك .. أنا ذاتك الأخرى .. ولدت معك , لأبقى بجانبك ما دمت حيّاً.
-و ماذا تريد مني أيها المخلوق الغريب ؟!! أنا لا أعرفك , و لا أريد أن أعرفك !! أرجوك أخرجني من هذا المكان المظلم
فضحك بسخرية و بصوتٍ عالٍ :
-اكيد ليس بهذه السهولة
فقال بخوف :
-و ماذا تعني ؟!


-انظر لجسدك .. انه هناك , و أنت الآن هنا .. يعني انك انفصلت عن جسدك , و أصبحت أسير المرآة .. و هنا !! سنصفّي حسابنا يا حسن !!

-عن ايّ حسابٍ تتكلّم ؟!
-( بغضبٍ مستطير) طالما انه انفتح لك الغطاء , و انكشفت لك بعض اسراري .. فلابد أن اقتلك !!
فيغضب حسن أيضاً , و يصرخ قائلاً :
- الويل لك !! و لماذا أموت ؟! ما الذي جنيته ؟ لا شك انك سبب محنتي و عذابي !!
فقال بسخرية :
-من ؟ انا ! على العكس تماماً .. انا حققت جميع أمانيك.
-عن ايّ أمنيات تتكلّم , أيها الشيطان اللعين ؟!!

فاقترب منه و قال بإبتسامة صفراء :
-أتنكر أنك كنت تشتهي زميلتك سعاد ؟
فيصدم حسن من كلامه !
- هآ !! ما بالك سكتّ ؟ .. انسيت كم حلمت بها ؟ .. ماذا عن زميلك الغليظ , كم مرّة تمنّيت ضربه ؟ ..و ماذا عن فتاة الشاطىء , الم ترغب بها ؟ .. أتنكر بأن تحفة جارك أعجبتك , و أردّت امتلاكها ؟
- أنا...
-لا تنكر يا حسن !! كل رغباتك الدفينة , حققتها لك.
- إذاً أنت السبب في كل ما حدث لي , ايها الحقير ؟!!
- لست أنا , بل أنت !! فكلانا شخصٌ واحد
- اذاً أنت شيطاني .. و انا سأنتقم منك !!
- و هل تظن بأنني سأدعك تعيش بعد ان اخترقت الحجب , و أصبحت تعرف مدخل عالمنا ؟ ..لا طبعاً !! لأنك إن عدت لعالمك , فستفضحنا لبنو جنسك .. و حينها يصبح السيطرة عليكم , امراً صعب
- أنت مخلوقٌ شرير !!
- بالطبع !! فأنا شيطان , و هذا عملي .. و الآن !! اذهب ناحية المرآة , و ودّع جسدك النائم لآخر مرّة ..ففي صباح الغد , ستجدك الشرطة وقد فارقت الحياة بسكتةٍ قلبية.
- مستحيل !
- و لما انت متفاجأ .. فكل يوم يموت أناس بدون أسبابٍ واضحة ..
- لن ادعك تنال مني بسهولة !!
و هنا !! يلمح حسن سيفاً سابحاً في الهواء , فيمسك به...

فيقول الشيطان بلؤم :
-قبل ان اسحبك اليّ , تركت سيفي هنا.. لأني بصراحة متشوّق لأعرف , كيف ستدافع به عن نفسك .. (بسخرية) فهيا يا حسن !! حاول قتلي .. هذا ان استطعت طبعاً
ثم يضحك بسخرية .. فيسرع حسن اليه محاولاً طعنه بالسيف , إلا ان الشيطان يتجنّبه بسرعةٍ و خفّة.......
-يا مسكين يا حسن .. سيراك الناس غداً , و أنت ميت بالقرب من صخرةٍ صماء .. طبعاً بعد ان اسلّط على جثثك الأعاجم لتنهشها , و تحوّل جسدك إلى رمّة ترعب كل من يراها .. و سأعمل على اثبات تُهمّ الإغتصاب و السرقة عليك , لتصبح بعدها , شخصاً ملعوناً من افراد مجتمعك ..فلا تجد من يترحّم عليك , أو يذكرك بخير.
-لن اسمح لك بذلك , أيها الشيطان الرجيم !!
-أنا شيطانك انت , يا حسن !! أنت من صنعتني و جعلتني قوياً.
-اخرس !! لست سوى مخلوقاً بشع .. لست مني و لست منك !! فلتذهب إلى الجحيم الذي خُلقت منه
..و يحاول من جديد طعنه لكن دون جدوى !
- انت من ستعود قريباً , إلى كومة التراب التي خلقت منها !!
- بل خُلقتُ من فاضل طينة الأرض !! أما أنت فلست الاّ روحاً بشعة , منبوذة من كل المخلوقات !!
- الويل لك !! اتعيّرني يا كومة اللحم و العظم
- بل أنا من تراب و ماء و نار و هواء !! أما أنت , فلست سوى نطفة من السّعير.

فيغضب المارد غضباً رهيباً , و يتمكّن بسهولة من الإمساك بسيفه و رميه جانباً .. ثم يقبض على حسن و يرميه بعيداً..
ليطلق بعدها ضحكة عالية ساخرة , و يقول مهدّداً :
-احلف بأنني سأحيط قبرك بالشياطين , كي لا يقترب منك إنسٌ أو ملاك !! و سيغدو قبرك خراباً , تفرّ منه حتى ديدان الأرض ..
فيركض حسن بسرعة , و يمسك بالسيف الواقع بقرب المرآة ..
فيقول له الشيطان :
- لا تحاول يا حسن ..فأنت أسير هذه المرآة , و لن تتخلّص منها إلاّ بالموت !!
- لن استسلم لك !! و سأموت بشرف.
-لا تقاوم يا عزيزي .. و هات سيفي ..... هيا !! لا تقلق .. هي مجرّد طعنة صغيرة , و ستذهب روحك إلى بعدٍ آخر .. الى عالمٍ يعيش فيه الموتى من بني جنسك.. كل ما هنالك , انني سأرميك في المكان التي تعيش فيه : ارواح البشر الأكثر بؤساً و شقاءً....اعدك بأنني سأفعل !!
-و انا لن اسمح لك !!


ثم يُفاجأ شيطانه , باقترابه ناحية المرآة .. ثم رفع حسن السيف بكلتا يديه , و اخترق به بقوّة سطحها الزجاجي .. و اذّ بالمكان يهتزّ اهتزازاً مدويّاً !!!

فصرخ الشيطان صرخةً رهيبة :
- حسن !!! مالذي فعلته يا احمق ؟!!!!
و سقط على الأرض و هو يتلوّى من الألم , و تصدر منه اصواتٍ مخيفة ... بينما كانت النيران تلتهم جسده شيئاً فشيئا... و حسن يراقبه بإرتياح :
-هيا احترق ايها اللعين !! وعدّ إلى الجحيم الذي جئت منه.
ثم يتبخّر الشيطان و لا يعود له ايّ اثر ..

و فجأة !! يرتفع حسن بالهواء , ثم يخترق بجسده المرآة المُهشّمة.. و بدأ يبتعد عنها شيئاً فشيئا .. و عندما رفع نظره اليها ليراها , و جدها تلاشت إلى الأبد ! ... بينما هبطت روحه نحو الأرض , لتستقر بالقرب من جسده النائم .. و حينها شعر بالإطمئنان التام...و استلقى بجانب جسده... ثم صار ينظر الى السماء المضيئة بالنجوم ، و يتنفّس الهواء العليل .. ثم عاد الى النوم

.. ليستيقظ في اليوم التالي .. و يجد نفسه و قد عاد للحياة , بعد ان ايقظته الشمس بأشعتها.... فينهض ليمشي بهدوء .. و يوقف سيارة أجرة ..
ثم يبدأ نهاره في عملية البحث عن شقةٍ جديدة , في مكانٍ بعيد عن محلّ اقامته القديم ..
ليبدأ من هناك , حياةً جديدة .
-هو ..و ليس هو ![الاخيرة] -هو ..و ليس هو ![الاخيرة] بواسطة الميثاق في يوليو 03, 2019 تقييم: 5

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.