إعلان أدسنس

هو ..و ليس هو ![1]






الحلقة الاولة
(يرى نفسه و قد أصبح مسخاً , يرتدي ملابسً سوداء قاتمة.. يقترب منها بلا إرادة , يصفعها بشدّة .. تبكي .. تتوسّل بأن لا يؤذيها .. إلاّ انه يمسكها و يقذفها على الأرض , ليعتدي عليها)

يستيقظ من نومه فزعاً.. العرق يتصبّب منه بغزارة .. أنفاسه لاهثة... يفتح النافذة ليتنفّس هواء ساعات الفجر الأولى .. ثم يستلقي على كرسيه .. يشرب قدحاً من الماء ..و يحاول النوم مجدداً .. لكنه لا يزال يشعر بالخوف .. فيضّطر لإضاءة مصابيح الغرفة .. لينام اخيراً , بعد تقلبٍ طويل...

ينهض من نومه بصعوبة .. يغسل وجهه .. يؤدي طقوس الصباح .. ثم يذهب إلى عمله , و هو متعب...
في طريقه لمكتبه .. يمرّ على مكتب زميلته سعاد , فيجده مُغلقاً ! ... يشعر بالقلق .. يدخل مكتبه , و يجلس على كرسيه بشرود.... ساعات العمل تمرّ ثقيلة ..

بعد ساعات .. يعاود المرور على مكتب زميلته , فيجده لا يزال مُغلقاً !.. يشعر بقلقٍ شديد , لكنه لا يجرأ على السؤال عنها..
فيعود لمكتبه , ليرى مجموعة من رجال الشرطة تحيط به ! ....
الخوف و الفضول يدفعانه لمواصلة السير نحوهم ..
-أأنت السيد حسن ؟!!
-نعم أنا !
-انت مطلوب للتحقيق في مقرّ الشرطة المركزي !!
فيضّطرب و يرتسم القلق على ملامحه , إلاّ انه يحاول تمالك نفسه...

يأخذونه إلى مقرّ الشرطة.. و بعد عدّة ساعات مريرة من الإنتظار , يدخل عليه المحقق :
-سيد حسن !! أين كنت في الليلة الماضية ؟ و تحديداً في الساعة الثانية , بعد منتصف الليل ؟
فيصعق من سؤاله.. فهو حقاً لا يعرف ما يقول ! ..دوّامة محيّرة من الأسئلة يواجه بها نفسه , قبل مواجهته لسيلٍ من اسئلة التحقيق..
و قطع تفكيره صوت المحقق :
-لما لا تجيب , يا حسن ؟!!
-كنت .. كنت حينها نائماً
-و ما دليلك ؟
-و كيف أقدّم دليلاً على ذلك ؟!
فيخرج المحقّق سيجاراً .. سرعان ما يملأ دخانه غرفة التحقيق .. و يكمل اسئلته :
- سيد حسن ..أتعرف لما أنت هنا ؟
- ( بإضّطراب) بالحقيقة لا !
- أتعرف الآنسة سعاد ؟
- بالطبع اعرفها , فهي زميلتي في العمل.
- لقد هجم عليها شخص ليلة البارحة , و اعتدى عليها
فتتغير ملامح وجهه .. و يقول بدهشة :
- يا للهول ! أحقا ما تقول ؟!
- نعم .
_ ( بإرتباك و قلقٍ شديد) و ما علاقتي انا بالأمر ؟!
- لقد قالت لنا : بأن الشخص الذي اعتدى عليها , كان يشبهك الى حدٍ كبير

فصار حسن يحدّث نفسه , بقلقٍ شديد :
((يا الهي ! حلمت البارحة بإعتدائي على الآنسة سعاد ، و هآ أنا اُتّهم بإغتصابها.. ما الذي يحصل معي ؟!))
ثم يقف من هول الإتهام ! و يفتح قميصه ليتنفّس بحريّة أكثر.. يتدفّق العرق من كافة أنحاء جسده ... و يشعر بضعفٍ شديد ..فيعود للجلوس , واضعاً يديه على جبهته...

ثم تبدأ الإجراءات , و يدخل عليه خبراء الأدلة الجنائية : و يقومون بتصوير بصمات أصابعه و عينيه .. يأخذون منه عيّنات مختلفة من شعره و أظافره و قطرات من دمه و غيرها من العينات .. ثم يأمر المحقق بإرساله إلى الحجز , حتى ظهور نتيجة تحاليل المعمل الجنائي.
خمسة أيام تمرّ عليه ثقالاً.. الخوف من الأحداث القادمة , يهيّمن على كافة تفاصيل حياته..

و طوال فترة احتجازه , ظلّ يتساءل بقلق :
((ما علاقة ذلك الحلم المزعج , بجريمة اغتصاب الآنسة سعاد ؟! و كيف توافق معه بالتوقيت و الحدث ؟! أمرٌ محيّرٌ فعلاً ! لكني قطعاً لست الجاني !!))

في اليوم السادس .. يدخل عليه المحقق... و يخبره بأن نتيجة المعمل الجنائي كانت في صالحه ..و بأن الخبراء لم يجدوا أيّ دليل على علاقته بالجريمة... فأُطلق سراحه , بضمان مقرّ إقامته..
يعود حسن بعدها إلى شقته , لينام نوماً طويلاً..

و في اليوم التالي .. يتصل بمديره ليستأذنه بقضاء بقيّة الإسبوع في قريته , ليريح نفسه من عناء ما جرى له ...
و بعد ان انتهت الإجازة , عاد للمدينة مع بداية الإسبوع الجديد... و في مكتبه , توافد عليه زملائه لتهنئته بالبراءة و السلامة , و اخبروه : بأن الآنسة سعاد طلبت نقلها إلى فرعٍ آخر .. كما أنها قامت بتغير مقرّ إقامتها !
و بعد ان ذهب كلاً الى عمله .. جلس حسن يمارس عمله بإنسيابية , و كأنه لم يمرّ بمشكلة كبيرة كادت تقضي على مستقبله إلى الأبد !

و بعد ساعة .. دخل عليه احد زملائه , و هو ينظر اليه بوحشية و الشررّ يتطاير من عينيه !
و من دون سابق انذار , هجم على حسن و صار يضربه بكلتا يديه .. فتدخل بعض الموظفين محاولين إبعاده عنه..
اما هو فكان يصرخ بغضب :
- سأقتلك يا حسن بيديّ هاتين !! سأقتلك .. اسمعت !!

..و تشابكت الأيدي !! فأضّطر المدير العام بتحويلهما إلى امن الشركة...
و برّر المعتدي فعلته , قائلاً :
-هو الذي تهجّم عليّ اولاً , و صفعني عدّة صفعات .. انظروا لوجهي !! انه شاهد على اعتدائه الآثم .
-لا مستحيل !! أنا اصلاً لم أغادر مكتبي منذ الصباح !
-ايها الكاذب !! آثار صفعاتك ماتزال على وجهي , و هذا دليل على صحّة ما أقول ..
ثم توجّه (الموظف الغاضب) بحديثه لرجال الأمن :

-صدقوني !! هو دخل الى مكتبي ..و كان وجهه مخيفاً جداً , ثم بدأ بصفعي و ضربي كالمتوحش .. و من دون ايّ سبب !


و بعد ان حقّق قسم الأمن في الواقعة .. تيقن بأن حسن كان في مكتبه , في ذلك التوقيت .... فيتبرّأ حسن من هذه التهمة ايضاً ..
لكن زميله ظلّ يتوّعده و يهدّده بغضب ... و لذلك اعطاه المدير : إجازة عاجلة ليومين ، الى ان يهدأ الوضع ..

فخرج حسن من مقرّ عمله متضايقاً و متفاجئاً مما حصل ! و ذهب الى شقته طلباً للراحة , من عناء المواقف التي مرّ بها في الآونة الأخيرة ..
و كان مايزال يحدّث نفسه :
((ما الذي يحدث لي ؟! لما يتهمونني بتهمٍ لم ارتكبها ؟! .. بتّ لا أعرف شيئاً ! هل هذه مجرّد صدف , ام ماذا ؟!))

في منزله ... قام بحلق ذقنه .. ثم عاد و خرج ذاهباً للتنزه بوسط المدينة , لعلّه يزيل ما علق به من أحداث الأيام السابقة .. فتوجّه إلى السوق الرئيسي... و هناك ..شاهد بدلة أنيقة معروضة للبيع , بسعرٍ منخفض...
((هذه بدلةٌ جميلة , و سعرها مقبول ! .. حسناً !! سأسحب النقود من الصرّاف و اشتريها .. أتمنى أن يكون طالعها جميلٌ عليّ))

و بعد ان سحب من الصرّاف ، عاد الى نفس المتجر ..لكنه وجد بعض افراد امن السوق متجمّعين حوله .. فاضّطرب قليلاً .. لكنه قرّر ان يدخله .. و كان يحدّث نفسه بقلق :
((يا الهي ! ما الذي يجري هنا ؟! ..أيكون قد حدث أمرٌ جللّ ؟ طيب لما أنا خائفٌ هكذا ؟! فلا علاقة لي بالأمر ..سأشتري البدلة و أخرج بسرعة , فهذه فرصة لن تتكرّر))

و عندما دخل الى هناك.. اقترب منه احد عمال المتجر , ناظراً اليه بذهول :
-هذا هو ! انه نفس الشخص الذي حاول سرقة البدلة .. ايها الأمن !! هذا هو السارق بكل تأكيد !!
فألقوا الأمن القبض عليه ..
و هو كاد يفقد وعيه , من كل تلك الإتهامات الظالمة التي تحصل معه هذه الأيام !

و بعد طول تحقيق و احتجازه لساعاتٍ طويلة .. افرج عنه امن السوق , بعد ان تأكّدوا من براءته...
فيعود حسن إلى شقته مُحطماً ... و يتصل بشركته و يطلب تمديد الإجازة ..

في صباح اليوم التالي .. يحمل حقيبته و يسافر برفقة اعزّ أصدقائه سمير , إلى منتجع على شاطئ البحر...
سمير : أنت تتوهم يا حسن .. لا شك في كونها مجرّد صدف.
-أتمنى أن يكون كلامك صحيحاً.
-أنت مرهق و أعصابك منهارة .. تحتاج إلى المكوث هنا عدة أيام , و ستعود قوياً نشيطاً .. و ان لم يحدث ذلك , فلابد لك من مراجعة طبيب نفسي.
و بينما هما مستلقيان على الشاطئ , تمرّ من امامهم فتاة جميلة...
-حسن ! انظر لهذه الفتاة ..ما أجملها !!
-لا لن انظر , أخشى من حدوث مكروهٍ لها !!
-دعك من هذا الهراء , و استمتع بوقتك يا صديقي.
و بعد ان قضيا اسبوعاً ممتعاً.. بدأت صحة حسن تتحسن , و صار يشعر بالإرتياح..

و في طريق العودة ..كان حسن يقود السيارة و هو في قمّة النشاط .. فقال صديقه (الذي يجلس بجانبه) :
- حسن .. لابد لك ان تتزوج .. و حينها فقط , تنتهي مشاكلك.
- ربما كلامك صحيح .. فأنا اشعر بتصحّر في حياتي لن أتخلص منه , إلا بشريكة عمر جميلة ..تماماً كالتي رأيناها على الشاطئ.
و عند مروره من نقطة تفتيش .. و ما أن رآه الشرطي , حتى أمره بالوقوف و طلب منه إبراز وثائقه... فسلّمها له بكل أريحية .. إلاّ أن الشرطي ظلّ يحدّق مليّاً في وجه حسن , الذي اضّطرب و انتابه القلق !
فيأمره الشرطي بإيقاف السيارة جانباً و المكوث فيها ..
دقائقٌ عشر صعبة تنتهي بوصول سيارة شرطة كبيرة , و تقتاده مع صديقه سمير إلى اقرب مركز الشرطة...

و هناك !! يقفان بين يديّ ضابط المركز
- أأنت حسن ؟
- نعم أنا !
- أين كنت قبل ليلتين ؟
سمير : كان برفقتي طوال الوقت , سيدي
- أنا لم أسالك انت !! هيا اجب يا حسن
- كنت برفقة سمير .. مالأمر ؟!
- أنت متهم بمحاولة قتل فتاة.
- لا مستحيل !!
فيريهما صورتها..
سمير : يا للعجب ! إنها نفس الفتاة التي رأيناها على الشاطئ.
حسن : لكني بريء !!
فيأمر ضابط المركز بإحتجازهما...

في غرفة الحجز .. يهمس سمير له بقلق :
- حسن ..أنت كنت برفقتي معظم الوقت ..لكني أخشى من....
- هل تقول انني الجاني ؟!
- كلا !! أنا متأكد من براءتك
- إذاً !!
- حسن , اسمع !! اعتقد انك بحاجة إلى مراجعة طبيب نفسي على عجل.
فيسكت حسن بشرود..

و بعد أكثر من أسبوع .. يُنقلان إلى النيابة العامة ..و هناك , يقفان بانتظار عرض حسن على الضحيّة..
فتدخل نفس الفتاة (التي شاهداها على الشاطئ) و هي تمشي مستندة على رجل يبدو بأنه والدها.. و كانت آثار الضرب واضحة على وجهها ، و بطنها مُنتفخٌ قليلاً من آثار عملية جراحية و اللفائف الطبية.. و كانت في غاية الشحوب و الضعف..
فيعود و يسألها الظابط من جديد :
- آنسة سلوى .. هل هذا الذي حاول ايذائك ؟
فتنظر الى حسن .. و تتغرّغر عيناها بالدموع , و تقول بتردّد :

هو ..و ليس هو ![1] هو ..و ليس هو ![1] بواسطة الميثاق في يوليو 02, 2019 تقييم: 5

هناك 3 تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.