غريس براون شبح البحيرة الحزين [النهاية]
البارات الاخيرة
محاكمة تشيستر نالت اهتماما واسعا من قبل الأعلام والرأي العام , وتقدم الكثيرون للشهادة ضده , قالوا بأنه كان يتلاعب بعواطف غريس , وتحدثوا باستفاضة عن علاقاته الغرامية المتعددة . و مما زاد الطين بلة بالنسبة لتشيستر هو عثور الشرطة على رسائل كانت غريس قد بعثتها إليه , وتمت قراءة مقتطفات من تلك الرسائل في قاعة المحكمة , وكانت الرسالة الأخيرة التي كتبتها غريس قبيل موتها هي الأكثر تأثيرا في النفوس واستدرارا للدموع , حيث كتبت تقول عن عائلتها :
"اعلم بأني لن أراهم ثانية , وأمي! يا الله كم أحب أمي! لا اعرف ماذا سأفعل بدونها .. أحيانا أفكر لو كان باستطاعتي إخبارها (عن حملي) , لكني لا استطيع , فلديها ما يكفي من هموم , ولا أريد أن أفطر قلبها . لكن لو مت , فربما لن تعلم بحالتي , ولن تغضب مني .. آه كم أتمنى لو أموت".
مسكينة غريس براون , كانت تكتب تلك الكلمات وكأن قلبها يعلم بأنها لن ترى أهلها مرة أخرى . تمنت الموت وحصلت عليه , تحررت من الخوف والقلق والترقب , وارتاحت من دنيا ملئها الغدر والخيانة والنفاق. رحلت عن هذا العالم وهي في ريعان الشباب لم تتم عامها العشرون بعد , ماتت قتيلة , ليس لأنها فتاة سيئة , بل لأنها يمامة بيضاء في عالم يعج بالجوارح المفترسة والقلوب المتحجرة التي تعتبر العاطفة سذجا والطيبة ضعفا والمشاعر الصادقة عارا. أما تشيستر , ذلك الشاب الأحمق , فلا أعلم ما الذي كان سيخسره لو تزوج منها , ولا أدري كيف طاوعه قلبه أن يقتلها ويقتل طفله النامي في أحشائها , ويقتل نفسه معهما , فمحاكمته لم تستمر لأكثر من ثلاثة أسابيع , وأتى قرار أدانته سريعا وقاطعا من قبل هيئة المحلفين , فنال حكما بالإعدام عن جدارة , ورفض القاضي جميع التماسات الرحمة , وتم تنفيذ الحكم يوم 30 مارس / آذار 1908 بواسطة الكرسي الكهربائي.
مأساة غريس براون أثارت ضجة كبرى في وقتها وسلطت الضوء على معاناة الكثير من الفتيات في ظل ازدواجية نظرة المجتمع إلى العلاقات الجنسية خارج أطار الزواج , ففي حين أن الرجل لا يتلقى أي لوم أو تقريع لمضاجعته ما يشاء عدده من النساء , وقد يتفاخر ويتبجح بذلك علنا , نرى بالمقابل أن المرأة تتعرض للنبذ والتعنيف وقد تصل الأمور إلى القتل.
قصة غريس تركت أثرها أيضا في عالم الأدب والسينما , إذ ظهرت روايات عدة مستلهمة من أحداثها , أشهرها هي رواية الكتاب الأمريكي ثيودور درايزر بعنوان "مأساة أمريكية" والتي تحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي يحمل نفس الأسم عام 1931 , وأعيد إنتاجها عام 1951 في فيلم آخر يحمل عنوان "مكان في الشمس".
🔻شبح البحيرة :-
منذ غرق غريس بروان عام 1906 كانت هناك مشاهدات عديدة لشبحها. العديد من زوار بحيرة موز زعموا بأنهم رأوا الشبح واقفا على متن زورق وسط البحيرة ليسقط بعدها ويختفي في الماء , أي كأنه إعادة لمشهد موت غريس. آخرون قالوا بأنهم شاهدوا الشبح يسير مهموما على شاطئ البحيرة خلال الليل . وهناك أيضا مشاهدات للشبح قرب أكواخ الاستجمام المتناثرة هنا وهناك حول البحيرة. وأكثر ما يميز شبح غريس براون هو إطفائه للأنوار والمصابيح الكهربائية في الأماكن التي يظهر فيها.
واحدة من أشهر المشاهدات وقعت ذات مساء من عام 1988 . حيث توجه أربعة موظفين كانوا في رحلة عمل إلى أحد أكواخ الاستجمام الذي استأجرته شركتهم لهم قرب شاطئ البحيرة. وعندما وصلوا الكوخ كانت الأنوار مطفئة والظلام دامس , وكان مدخل الكوخ عبارة عن سلم يقود إلى شرفة عالية , وقد سبقت موظفة تدعى روندا زملائها فصعدت السلم المؤدي إلى الشرفة من أجل تشغيل أضواء الكوخ , وبينما كانت تبحث عن الأزرار في الظلام شعرت فجأة بوجود شخص ما يقف إلى جوارها , كان إحساسا قويا لكنها لم تشعر بالخوف , بل غمرها شعور طاغي بالحزن. وفي هذه الأثناء كان زملائها الثلاثة قد اقتربوا من الكوخ , وكانت تنتظرهم مفاجأة ليست بالحسبان , فعند المدخل شاهدوا شبح فتاة شابة ترتدي ملابس سوداء قديمة تنزل من شرفة الكوخ وتقف أماهم للحظات قبل أن تتحرك مجددا وتتبدد في الظلام.
في واقعة أخرى قالت امرأة تدعى ليندا ماكين بأنها كانت تقضي عطلتها الصيفية مع عائلتها في أحد أكواخ الاستجمام قرب البحيرة , وذات ليلة شعرت برغبة للخروج لوحدها لتتمشى قليلا بمحاذاة الشاطئ , وكانت تحمل معها مصباحا كهربائيا , وسرعان ما لاحظت شيئا غريبا جدا , فكلما كانت تقترب من شاطئ البحيرة كان ضوء المصباح في يدها يخفت حتى أنطفأ تماما عندما وصلت إلى حافة المياه , فشعرت بالخوف وأرادت أن تعود أدراجها , وما أن استدارت حتى وجدت شبح غريس براون يقف أمامها ويحدق إليها . ليندا قالت بأن إحساسها بالخوف تبدد فورا عند رؤيتها لغريس وحل محله شعور مرير بالحزن , لقد شعرت بأن الشبح حزين جدا , وتسرب جزءا من ذلك الحزن إليها , أستمر الأمر للحظات قبل أن يتحرك الشبح ويتلاشى في الظلام.
🔻ختاما :-
قصة غريس براون مؤثرة بلا شك , وفيها عبرة جليلة , وهي أن لا يضع الإنسان نفسه في موقف ضعف أبدا مهما كان السبب. الأشخاص الأقوياء هم من يضعون العقل دوما قبل العاطفة , ولا يسمحون للآخرين أبدا باستغلالهم وابتزازهم , لأن هذا العالم يعج بأمثال تشيستر , شياطين بهيئة بشر , طفيليون يتلونون بألف هيئة وصورة حتى يصلون لمبتغاهم ويحققون مرادهم من دون أن يتحملوا أي مسئولية تجاه ضحاياهم أو يشعروا بأي تعاطف نحوهم . أما بالنسبة للحب .. فأقول ملعون أبو الحب الذي يجعل الإنسان ذليلا وأسيرا لرغبات ونزوات الآخرين , برأيي أن أعيش ألف سنة خالي القلب والبال خير من أن أعيش ساعة واحدة محل غريس براون أو في مكان الشاعر الذي قال :
- يا من هواه اعزه وأذلني ×× كيف السبيل إلى وصالك دلني
- أنت الذي حلفتني وحلفت لي ×× وحلفت إنك لا تخون فخنتني
- وحلفت إنك لا تميل مع الهوى ×× أين اليمين وأين ما عاهدتني
- واصلتني حتى ملكت حشاشتي ×× ورجعت من بعد الوصال هجرتني
- لما ملكت قياد سري بالهوى ×× وعلمت أني عاشق لك خنتني
- لأقعدن على الطريق فأشتكي ×× فأقول مظلوم وأنت ظلمتني
غريس براون شبح البحيرة الحزين [النهاية]
بواسطة الميثاق
في
يونيو 28, 2019
تقييم:
والله اخذة معلومات كثيرة كفو
ردحذفراىع جدن جدن
ردحذفجميل
ردحذفجميل جدا
ردحذفقووة القووة باارك الله فيك استمر استمرر
ردحذفاستمر
ردحذفواو روعة
ردحذف